أصبح لديك الآن طفلًا صغيرًا يقلد كل ما تفعلينه، فهو يراقب كل أفعالك وأقوالك ويحفظها، لذا راقبي طفلك وهو يحاكي تصرفاتك ويحاول التحدث بنفس نبرة صوتك، كما أنه سيرغب في إرضائك ومحاولة إشراكك في اللعب معه كلما استطاع ذلك. وإذا كنتِ تفكرين في التمتع بالجلوس هادئة لبضع لحظات، عليك التفكير مرة أخرى، حيث سيحضر لك طفلك بعض الأشياء لتفحصها وسيبحث عنك أينما كنت، فحاولي إعادة اكتشاف ما يشعر به طفلك هذا الشهر حيث أنك قد أصبحتِ أفضل صديق له.
عند عدم وجود أحد الوالدين، يشيع في الأطفال الصغار في هذا العمر شعور الوحشة والمعاناة من قلق الانفصال، وذلك لأنهم في هذه الفترة وإن كانوا قد بلغوا من العمر ما يكفيهم للتواؤم مع أنماط الحياة الأسرية إلا أنهم ما زالوا أصغر من أن يتمكنوا من التفكير المنطقي، ومن الشائع ذهاب الأم أو الأب إلى العمل والعودة إلى المنزل بعد بضع ساعات، ولكي يترك الوالدان أثرًا طيبًا ومثالًا إيجابيًا بهذا الشأن فعليهم أن يودعوا أبناءهم بحنان عند مغادرة المنزل وأن يظهروا لهم سعادة حقيقية عند العودة. وعليهم أن يعلموا أبناءهم أن انفصالهم عنهم ضروري للحياة وأنه أمر طبيعي في الوقت ذاته، لأنهم يعودون مرة أخرى.
من الممكن أن يطلب طفلكِ ""أن يتكلم"" على الهاتف مع الغائب من والديه، أو أن يراه على كاميرا الإنترنت أو ربما يصل الأمر إلى رغبته في الذهاب للعمل واستدعاؤه لرؤيته هناك، فقد يحتاج التنسيق بين الحياة الأسرية والحياة العملية بعض الوقت، إلا أن الأطفال لا يقدرون التعقيدات المحيطة بظروف العمل، فإن علاقتهم الأساسية بوالديهم يجب أن تكون قوية، إذ يعتقدون أنهم أصحاب الأولوية في حياة والديهم، وذلك كله يستوجب تحقيق التوازن بشكل دقيق خلال السنوات الأولى من عمر طفلك.
النمو والتطور
هذا هو العمر الذي يقضي فيه الكثير من الأطفال الصغار وقتهم نهارًا في الحضانة، فقد يكون الأمر صعبًا عليكِ أن تنظري إلى طفلك في هذا العمر لأول مرة وهو في وسط مجموعة من الأطفال من نفس العمر، حتى أنه قد يثير في داخلك مشاعر دفاعية معينة لم تمري بها من قبل في حياتك، ومع ذلك، اعلمي أن طفلك يعتمد على ردود أفعالك باعتبارها دليلًا لتوجيهه، فتمثلي الروح الإيجابية المشجعة، حتى ولو لم تكوني تشعرين بها.
حتمًا ستقارنين طفلك بالأطفال الآخرين وحتمًا ستكونين مندهشة للاختلافات الكبيرة الموجودة بينهم، كما يمكن أن تنجذبي بشكل أكبر للأطفال الذين يشبهون طفلك نوعًا ما، وأن تألفي بسرعة هؤلاء الأطفال الذين يتشابهون معه في لون الشعر أو طريقة اللبس، وتعد الجينات الوراثية هي المسؤولة عن هذا الأمر حيث أننا كآباء وأمهات نميل إلى التوافق بشكل أكبر مع الأطفال الذين يشبهونا في المظهر، ولهذا يكون للطبيعة اليد العليا في هذا الأمر.
هل تلاحظين أن قبعة طفلكِ لم تعد تلائم حجم رأسه كما كان عليه الأمر في السابق؟ السبب في ذلك يتمثل في نمو كل من المخ والجمجمة، لذا لا يسعكِ في هذا المقام إلا تفسير الأمر باعتباره شيئًا جيدًا، وأن تشتري له القبعات التي تمنع الشمس عن وجهه ورقبه وصدره.
اللعب والتفاعل
لا تبالغي كثيرًا في التخطيط ليوم طفلك وبملئه بالكثير من الأنشطة والتحفيزات، حيث يرغب الأطفال بطبيعتهم للبحث عن ملذاتهم الخاصة، لكنهم بالطبع يحتاجون إلى بعض المحفزات أحيانًا، لذا يكفي جدًا تنفيذ نشاط نظامي واحد في اليوم؛ وبناءً عليه، إذا كان لديه درس سباحة في فترة الصباح، فلا بد من العودة إلى المنزل بعد الظهر، فهو في حاجة أيضًا إلى اللعب بألعابه الصغيرة والمرح. وهذه الأمور برغم أنها قد تبدو لأول وهلة تافهة، إلا أنها تعني الكثير بالنسبة لطفلك في هذه المرحلة العمرية.
تتدفق إبداعاته في هذه الفترة وستسمعينه يتحدث مع نفسه ومع ألعابه، ومع القطة الخاصة بالعائلة، وحتى مع سور المنزل، فالممارسة هي خير وسيلة لتحسن لغته، لذلك شجعيه على إجراء هذه المحادثات الصغيرة، إياكِ أن تصححي أخطاء طفلك عندما لا ينطق الكلمات بالشكل الصحيح أو يطلق اسمًا خاطئًا على أي شيء؛
حيث إن طفلك حساس جدًا تجاه انتقاداتك، فاحذري أن تضعفي ثقته بنفسه، ولا تعمدي إلى المقارنة بين كلام طفلك ولغته وبين كلام ولغة أي طفل آخر، وخاصة عند اختلاف الجنس بينهما، لأن اللغة تتطور في الإناث بشكل أسرع منها في الذكور.
ما يمكنكِ توقعه في هذا الشهر
يشيع بين الوالدين بعض التفكير الذاتي في هذه الفترة، عندما تبدأ مسألة التخطيط لطفل آخر. والجدير بالذكر أنه لا توجد فترة بينية مثالية أو نموذجية بين الأشقاء، ولكن يرى الكثير من الناس أن الصحيح أن تبلغ تلك الفترة حوالي عامين ونصف، نعم لقد مرت الأشهر الأولى الصعبة والمرهقة، ويعد وجود طفل في البيت مذكرًا بالمتعة البسيطة الكائنة في تكملة تكوين الأسرة.
يمكن للأقارب ممارسة القليل من الضغط عندما يتعلق الأمر بإنجاب طفل آخر، فقد تُقدَم للوالدين بعض التلميحات الصريحة وغير الصريحة عندما يخططان لجلب أخ أو أخت لطفلهم، وتوجد العديد من العوامل الفردية والشخصية التي يجب أخذها في الاعتبار بهذا الشأن، إذ لا تتشابه ظروف الجميع، فأنت وشريكك تعرفان ظروفكما أكثر من أي أحد وأنتما أدرى بالقرار الصحيح المناسب لكما ولأسرتكما.
سينجذب طفلك في هذه الفترة لمجموعة مختلفة من الأنشطة، وقد ينجذب إلى مجموعات من الأطفال الآخرين لكنه ما زال يركز إلى حد كبير على لعبه الفردي. يلعب الأطفال بجوار بعضهم وليس مع بعضهم لذا يعد اللعب الموازي هو سمة من سمات هذه الفترة، لكن صوت الأطفال الآخرين وحركتهم ستجذبه نحوهم. كم عليكِ ألا تتوقعي أن يقوم طفلك بمشاركة الأطفال الآخرين احتياجاتهم أو أن يكون حساسًا لاحتياجاتهم، حيث إن هذا السن هو سن ظهور الدفع والعض للآخرين، مما يثير قلق بعض الآباء والأمهات.
لا يزال الأطفال في هذا العمر تحكمهم غرائز غير ناضجة تتولد من عقلهم البدائي، فهم ببساطة غير قادرين على التعامل بلطف وعلى مراعاة مشاعر الآخرين طوال الوقت، لكن مع الوقت والنضج، وبالاقتداء بالكثير من النماذج الإيجابية، سوف يتطورون بالشكل المطلوب.
الغذاء والتغذية
اصطحبي طفلك معك خلال التسوق واسمحي له بمساعدتك في وضع المشتريات من الطعام في العربة، وأظهري له كيفية انتقاء الفاكهة والخضروات وكيفية وضعها في الأكياس، كما عليكِ تغلفيها بأبسط الطرق والألوان والأنواع الموجودة، وازرعي بعض البذور والخضروات سريعة النمو مثل الكوسا والبازلاء والذرة، وساعدي طفلك على ربط الطعام بنشأته ونموه، فلن يفهم الأمر إلا من خلال هذه الطريقة؛ وتجنبي إصابة طفلك ""باضطراب نقص الطبيعة"" واحرصي على أن يخرج في الهواء الطلق لمكان معين كل يوم.
يتعلم الأطفال الصغار في هذا العمر كيفية الوصول إلى الثلاجة وخزانة المطبخ، وسيحاولون الحصول بأنفسهم على الطعام، وهذا الأمر لا يسبب لك مشكلة – طالما أن ما يمكن لطفلك الحصول عليه صحي ولا يؤثر على شهيته لتناول الوجبات – لذا، فقد لا يتسبب الأمر في مشكلة بالنسبة لكِ، لكن المشكلة أنه يجعلك لا تستطيعين تتتبع ما يأكلونه ولا تنظيم الأمر بشأن تناولهم للوجبات الخفيفة.
اصطحبي معكِ زجاجة من الماء في كل مرة تخرجين فيها وكذلك وفري لطفلك الفرصة في أن يراكِ وأنت تشربين الماء، ووضحي له كيفية فتح الصنبور والحصول على الماء، ولكن أكدي عليه ألا يلمس صنبور الماء الساخن.
من الأفضل لكِ شراء كرسي يمكنه الصعود عليه لاستخدامه في الحمام والمطبخ.
حافظي على صحة طفلك
يرتدي معظم الأطفال الحفاضات في هذا العمر، لأنهم أصغر من أن يتدربوا على استخدام المرحاض، مما يعني ضرورة تغيير الحفاضات والتخلص منها باستمرار، ويرغب العديد من الأطفال في ""المساعدة"" في هذا الشأن وخلع حفاضهم بأنفسهم- خاصةً عند التبرز، فإذا صدر منه ذلك الفعل، لا تعطيه أي رد فعل إيجابي بشأن ما حدث وأظهري له حقيقة ما تشعرين به، ولكن تأكدي أن هذا الحدث سيمر، وعندئذٍ، لا يوجد أمامك خيار سوى تنظيفه والانتقال إلى ما تفعلينه بعد ذلك، وذلك لأن محتويات الحفاض، وإن بدت مقززة جدًا بالنسبة لكِ، إلا أنها بالنسبة لطفلك مجرد شيء آخر يلعب به.
ربما تجدين طفلك في لحظة من اللحظات بصحة جيدة، وبعدها بلحظة يبدو عليه المرض بوضوح، ورغم أن الأطفال في الغالب يمرضون بسرعة كبيرة إلا أنهم في الوقت ذاته يتعافون بنفس السرعة في أغلب الحالات، وتتراوح درجة الحرارة العادية لأي منا بين 36.1 درجة – 37.3 درجة مئوية؛ لا يستطيع الأطفال التحكم في درجة حرارتهم مثل البالغين بسبب عدم نضج نظام تنظيم درجة الحرارة في دماغهم.
احتفظي بزجاجة دواء باراسيتامول في البيت، واتبعي تعليمات الاستخدام الموجودة على الزجاجة، أما إذا ارتفعت درجة حرارة طفلك، فسيحتاج إلى زيارة الطبيب.
نصائح عامة
• حاولي أن تعيشي حياة أسرية منظمة بنظام معروف الخطوات، ففي هذا العمر يميل الطفل إلى حب الأنظمة المعتادة ومحددة الخطوات.
o بعض الأطفال أكثر قابلية للتكيف وأسهل في إدارة شؤونهم من غيرهم، بينما يكون البعض الآخر أكثر حساسية للتغيير ولا يستطيعون التعامل مع التغيرات غير المتوقعة بسهولة.
• فكري في لغتك الخاصة والرسائل اليومية التي تقدمينها لطفلك في هذا العمر.
o تفقد كلمة ""لا"" أهميتها إذا كررتِها كثيرًا ولا تأتي بثمارها في أوقات الحاجة الفعلية إليها، كما عليكِ مدح طفلك بصدق ومن داخلك عندما يفعل شيئًا جيدًا لتعزيز سلوكياته الإيجابية وسيكون تأثير ذلك أكبر بكثير من التعليقات السلبية.
• احرصي على إشراك زوجك باستمرار في تربية الأبناء واجعليه يتشارك معكِ نفس الحماس والطاقة؛
o إذ يستفيد جميع الأطفال عندما يرون في والديهم القدوة الحسنة، لذا فكري في المحافظة على القيم التي يتأثر بها طفلك إذا أمكن ذلك.
• ينمو عقل طفلك بنسبة تقترب من 90٪ في السنوات الخمس الأولى من حياته،
o ويتشكل عقله حرفيا من خلال تجاربه على مدار السنوات الخمس المذكورة، لذا احرصي على الحصول على حياة منزلية غنية ومتنوعة تشتمل على الموسيقى والتحفيز والألوان والأنشطة الترفيهية، والعبي معه واستمتعي بحياتك، فإن الأمر يستحق.
• لا تنظفي الفوضى التي يحدثها طفلك بسرعة أكثر من اللازم، فليس هناك فائدة من وراء ذلك.
o وفري على نفسكِ الكثير من طاقتك وصحتكِ واكتفي بتنظيف البيت كله مرة واحدة في نهاية اليوم.